حدود ولاية القضاء في منازعات العقود الإدارية

حدود ولاية القضاء في منازعات العقود الإدارية

 

اذا كانت الرقابة القضائية على أعمال اﻻدارة،  اما أن تكون رقابة الغاء أو رقابة تعويض 

أو رقابة تأديب، فإن ما يتناسب مع العقود اﻻدارية هو رقابة اﻻلغاء ورقابة التعويض، 

بحسب أن مراحل ابرام العقود وتنفيذها تشتمل على قرارات ادارية كاﻻستبعاد أو 

الترسية أو سحب العمل أو مصادرة الضمان وغيرها،  كما أنه قد يترتب على

أي منها ضرر لطرف من أطرافها،  كما أنه اذا ترتب على أي من العقود ما يوجب 

المساءلة التأديبية ﻷحد المختصمين،  فلا يدخل ذلك ضمن مفهوم المنازعة بين طرفي 

العقد.

بالنسبة لرقابة اﻻلغاء فيقصد بها ذلك النوع من الرقابة القضائية، الذي يملك القاضي 

بمقتضاه الغاء القرار اﻻداري المخالف للمشروعية،  اذا رفع اليه أمره في خصومة 

قضائية.  وتخلص طبيعة هذا النوع من الرقابة في أنها تنصب على القرار اﻻداري غير 

المشروع وهو ما يميزها بخصوصية سواء من حيث حجية حكم اﻻلغاء أو من حيث ما 

يملكه القاضي من صلاحيات في نظرها.  فمن حيث حجية الحكم الصادر بالغاء القرار 

اﻻداري،  فانه يتمتع بحجية قبل الكافة فتعتبر جميع اﻻجراءات والتصرفات القانونية 

واﻻدارية التي تمت بموجبه ملغاة من تاريخ صدور ذلك القرار.  ومن حيث صلاحية قضاء 

اﻻلغاء فهي تقتصر على الغاء القرار اﻻداري المخالف للمشروعية فقط،  وﻻ تمتد الى ما 

سوى ذلك من تعديله أو تقدير مدى ملاءمته،  أو استبدال غيره به، وبالتالي ليس للقاضي 

أن يصدر أمراً للادارة وﻻ أن يحل محلها في تصرف من تصرفاتها، وان كان له أن يبين

في حكمه طريقة تنفيذه،  وﻻ يغير من ذلك ما يمكن أن يثار عن مبدأ استقلال اﻻدارة 

في مباشرة أعمالها،  ﻷن بيان القضاء للآثار القانونية لحكمه ﻻ يعد تعدياً على هذا 

اﻻستقلال،  فمصدر الحكم أدرى بمقصده،  كما أن اﻻدارة ليست حرة في اختيار ما 

تشاء من اﻵثار القانونية للحكم حتى يكون بيان هذه اﻵثار تعديا على استقلالها،  

اضافة الى أن أحكام القضاء الكامل كدعوى المسؤولية التقصيرية تتضمن غالباً 

الحكم بالزام اﻻدارة بدفع مبلغ مثلا ولا يعد ذلك تعديا على استقلالها. 

وطبقا لنص المادة 13/ ب من نظام ديوان المظالم الصادر عام 1428هــ :

" تختص المحاكم اﻻدارية بالفصل في اﻵتي: دعاوى الغاء القرارات اﻻدارية النهائية التي

يقدمها ذوو الشأن متى كان مرجع الطعن عدم اﻻختصاص أو وجود عيب في الشكل،

أو عيب في السبب أو مخالفة النظم واللوائح أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة

استعمال السلطة...الخ.  ويعتبر هذا النوع من الرقابة محدود في العقود اﻻدارية حيث 

يظهر في بعض الحاﻻت كطلب الغاء القرارات اﻻدارية المنفصلة وهي تلك القرارات التي 

تستهدف التمهيد ﻻبرام العقد أو السماح بابرامه أو تحول ابرامه،  وهذه القرارات تندمج 

في عملية التعاقد بحيث يمكن الطعن في تلك القرارات اذا وقعت مخالفة للقوانين أو 

اللوائح. ومن تطبيقات ديوان المظالم في هذه الخصوص،  حكمه الصادر عام 1413هـ 

ذي الرقم 40 / ت / 1 والذي انتهى فيه الى أن امتناع جهة اﻻدارة عن بيع أحد المقاولين 

شروط المنافسة حتى ﻻ يدخل فيها ﻻ يعد تعسفا طالما أنه ثبتت عدم جديته في منافسات 

سابقة. وبالنسبة لرقابة التعويض:  فهي ذلك النوع من الرقابة الذي يملك القاضي 

بمقتضاه الحكم بجبر الضرر المادي أو اﻷدبي الذي أصاب المتضرر نتيجة لتصرف جهة 

اﻻدارة وذلك من خلال خصومة رفعت اليه.  ومن طبيعة هذا النوع من الرقابة أنه ينصب 

على جبر ضرر، ويتعلق بحق شخصي معتدى عليه وهو ما يجعل له خصوصية،  سواء من 

حيث حجية الحكم الصادر فيه وما يملكه القاضي من صلاحيات في نظره.  فمن حيث 

حجية الحكم فهي تقتصر على أطراف النزاع فقط، وليست حجية على الكافة كما هو 

الحال في رقابة الالغاء.  ومن حيث صلاحيات القاضي فهذا النوع ينتمي الى القضاء 

الكامل حيث يملك صلاحيات واسعة فلا يقتصر اختصاصه على مجرد التحقق من  

مشروعية العمل أو عدم مشروعيته أو الغاء التصرف غير المشروع ، وانما يمتد الى النظر 

في كافة جوانب النزاع،  وبحث أساس الحق المدعى به ومداه،  والحكم بتعديل 

القرار أو تبديله أو التعويض أو اعادة الحال لما كان عليه اﻻ أنه ﻻ يشمل مدى ملائمة 

القرار طالما كان مشروعاً.  ويشمل هذا النوع من القضاء دعاوى التعويض ودعاوى 

المنازعات المالية للموظفين والمنازعات الخاصة بالضرائب والرسوم والمنازعات الخاصة 

بالعقود اﻻدارية وكل ما يتفرع عن ذلك، وحالة اﻻعتداء المادي. وطبقا للمادة 13 / ج  

من نظام ديوان المظالم الصادر عام 1428هــ، يختص ديوان المظالم بالفصل

في دعاوى التعويض التي يقدمها ذوو الشأن عن قرارات وأعمال جهة اﻻدارة. 

 

المشاركات الشائعة